real oussama كاتب مميز
عدد المساهمات : 2313 نقاط : 6746 تاريخ الميلاد : 01/07/1994 تاريخ التسجيل : 29/12/2009 العمر : 30 الموقع : www.oussama15.ahlamontada.com العمل/الترفيه : طالب المزاج : عادي
بطاقة الشخصية oussama:
| موضوع: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي الجزء3 الأحد أغسطس 08, 2010 10:29 am | |
| ولهذا خص أنبياءه ورسله من ذلك بما ليس لغيرهم كما قال تعالى وأذكر عبادنا ابراهيم وأسحاق ويعقوب أولى الايدي والابصار أنا أخلصنا هم بخالصة ذكر الدار أي خصصناهم
بخصيصة وهو الذكر الجميل الذي يذكرون به في هذه الدار وهو لسان الصدق الذي سأله ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حيث قال واجعل لي لسان صدق في الآخرين وقال سبحانه وتعالى عنه وعن نبيه ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا وقال لنبيه ورفعنا لك ذكرك فاتباع الرسل لهم نصيب من ذلك بحسب ميراثهم من طاعتهم ومتابعتهم وكل من خالفهم فانه من ذلك بحسب مخالفتهم ومعصيتهم
فصل ومن عقوباتها انها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف وتكسوه أسماء
الذم والصغار فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والمنقي والمطيع والمنيب والولى والورع والمصلح والعابد والخائف والاواب والطيب والرضى ونحوها وتكسوه اسم الفاجر والعاصى والمخالف والمسىء والمفسد والخبيث والمسخوط والزاني والسارق والقاتل والكاذب والخائن واللوطي والغادر وقاطع الرحم وأمثالها فهذه أسماء الفسوق وبئس الاسم الفسوق بعد الايمان التي توجب غضب الديان ودخول النيران وعيش الخزى والهوان وتلك أسماء توجب رضاء الرحمان ودخول الجنان وتوجب شرف المسمي بها على سائر أنواع الانسان فلو لم يكن في عقوبة المعصية الا إستحقاق تلك الاسماء وموجباتها لكان في العقل ناه عنها ولو لم يكن في ثواب الطاعة الا الفوز بتلك الاسماء وموجباتها لكان في العقل أمر بها ولكن لا مانع لما أعطي الله ولا معطى لما منع ولا مقرب لمن باعد ولا مبعد لمن قرب ومن يهن الله فماله من مكرم وإن الله يفعل ما يشاء فصل
ومن عقوباتها إنها تؤثر بالخاصة في نقصان العقل فلا تجد عاقلين أحدهما مطيع لله والآخر عاص الا وعقل المطيع منهما أو فر وأكمل وفكره أصح ورأيه أمد والصواب قرينه ولهذا تجد خطاب القرآن إنما هو مع أولي الألباب والعقول كقوله فاتقون يا أولي الألباب وقوله فاتقوا الله ياأولي الألباب وقوله وما يذكر الا أولوا الالباب ونظائر ذلك كثيرة وكيف يكون عاقلا وافر العقل من يعصي من هو في قبضته وفي داره وهو يعلم إنه يراه ويشاهده فيعصيه وهو بعينه غير متوار عنه ويستعين بنعمه علي مساخطه ويستدعي كل وقت غضبه عليه ولعنته له وإبعاده من قربه وطرده عن بابه وإعراضه عنه وخذلانه له والتخليه بينه وبين نفسه وعدوه وسقوطه من عينه وحرمانه وروح رضاه وحيه وقرة العين بقربه والفوز بجواره والنظر الى وجهه في زمرة أوليائه الى أضعاف أضعاف ذلك
من كرامة أهل الطاعة وأضعاف أضعاف ذلك من عقوبة أهل المعصية فاي عقل لمن آثر لذة ساعة أو يوم أو دهر ثم تنقضي كانها حلم لم يكن على هذا النعيم المقيم والفوز العظيم بل هو سعادة الدنيا والآخرة ولولا العقل الذي تقوم عليه به الحجة لكان بمنزلة المجانين بل قد يكون المجانين أحسن حالا منه وأسلم عاقبة فهذا من هذا الوجه وأما ما تأثيرها في نقصان العقل العيشي فلولا الاشتراك في هذا النقصان لظهر لمطيعنا نقصان عقل عاصينا ولكن الجائحة عامة والجنون فنون وياعجبا لو صحت العقول لعلمت أن الطريق الذى يحصل به اللذة والفرحة والسرور وطيب العيش إنما هو في رضاء من النعم كله في رضاه والالم والعذاب كله في سخطه وغضبه ففي رضاه قرة العيون وسرور النفوس وحياة القلوب ولذة الأرواح وطيب الحياة ولذة العيش وأطيب النعيم مما لو وزن منه مثقال ذرة بنعيم الدنيا لم تف به بل إذا حصل للقلب من ذلك أيسر نصيب لم يرض بالدنيا وما فيها عوضا منه ومع هذا فهو يتنعم بنصيبه من الدنيا أعظم من تنعم المترفين فيها ولايشوب تنعمه بذلك الحظ اليسير ما يشوب تنعم المترفين من الهموم والغموم والاحزان والمعارضات بل قد حصل له على النعيمين وهو ينتظر نعيمين آخرين أعظم منهما وما يحصل له فى خلال ذلك من الآلام فالامر كما قال سبحانه إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون فلا إله إلا الله ما أنقص عقل من باع الدر بالبعر والمسك بالرجيع ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بمرافقة الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعدلهم جهنم وساءت مصيرا فصل
ومن أعظم عقوباتها أنها توجب القطيعة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير واتصلت به أسباب الشرفاي فلاح وأي رجاء وأي عيش لمن انقطعت عنه أسباب الخير وقطع ما بينه وبين وليه ومولاه الذي لا غني له عنه طرفة عين ولا بدل له منه ولا عوض له عنه واتصلت به أسباب الشر ووصل ما بينه وبين أعداء عدوله فتولاه عدوه وتخلي عنه وليه فلا تعلم نفس ما فى هذا الانقطاع والاتصال من أنواع الآلام وأنواع العذاب قال بعض السلف رأيت العبد ملقى بين الله سبحانه وبين الشيطان فان أعرض الله عنه تولاه الشيطان وإن تولاه الله لم يقدر عليه الشيطان وقد قال تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا الآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا يقول سبحانه لعباده أنا أكرمت آباكم ورفعت قدره وفضلته على غيره فامرت ملائكتي كلهم أن يسجدوا له تكريما وتشريفا
فاطاعوني وابي عدوي وعدوه فعصى أمري وخرج عن طاعتي فكيف يحسن بكم بعد هذا أن تتخذونه وذريته أولياء من دوني فتطيعونه في معصيتى وتوالونه في خلاف مرضاتى وهم أعدا عدولكم فواليتم عدوي وقد أمرتكم بمعاداته ومن والى أعداء الملك كان هو وأعداؤه عنده سواء فان المحبة والطاعة لاتتم إلا بمعادات أعداء المطاع وموالات أوليائه وأما ان توالى أعداء الملك ثم تدعي انك موال له فهذا محال هذا لو لم يكن عدو الملك عدوا لكم فكيف إذا كان عدوكم على الحقيقة والعدواة التي بينكم وبينه أعظم من العداوة التى بين الشاة وبين الذئب فكيف يليق بالعاقل أن يوالى عدوه وعدو وليه ومولاه الذي لا مولى له سواه ونبه سبحانه على قبح هذه الموالات بقوله وهم لكم عدو وكما نبه على قبحها بقوله تعالى ففسق عن أمر ربه فتبين أن عداوته لربه وعداوته لنا كل منهما سبب يدعو الى معاداته فما هذه الموالات وما هذا الاستبدال بئس للظالمين بدلا ويشبه أن يكون تحت هذا الخطاب نوع من العقاب نظيفا عجيبا وهو اني عاديت إبليس إذ لم يسجد لابيكم آدم مع ملائكتى فكانت معاداته لاجلكم ثم كان عاقبة هذه المعادات أن عقدتم بينكم وبينه عقدا المصالحة فصل
ومن عقوباتها انها تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة وبالجملة أنها تمحق بركة الدين والدنيا فلاتجد أقل بركة في عمره ودينه ودنياه ممن عصي الله وما محت البركة من الارض إلا بمعاصى الخلق قال الله تعالي ولو أن اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض وقال تعالى وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه وأن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه وفي الحديث أن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب فإنه لا ينال ما عند الله الا بطاعته وإن الله جعل الروح والفرح في الرضاء واليقين وجعل الهم والحزن في الشك والسخط وقد تقدم الاثر الذي ذكره أحمد في كتاب الزهد أنا الله إذا رضيت باركت وليس لبركتي منتهى وإذا غضبت لعنت ولعنتي تدرك السابع من الولد وليست سعة الرزق والعمل بكثرته ولا طول العمر بكثرة الشهور والاعوام ولكن سعة الرزق والعمر بالبركة فيه وقد تقدم أن عمر العبد هو مدة حياته ولاحياة لمن أعرض عن الله واشتغل بغيره بل فحياة البهائم خير من حياته فإن حياة الانسان بحياة قلبه وروحه ولاحياة لقلبه إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده أو الانابة اليه والطمانينة بذكره والانس بقربه ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض به الدنيا بل ليست
الدنيا بأجمعها عوضا عن هذه الحياة فمن كل شيء يفوت العبد عوض وإذا فاته الله لم يعوض عنه شيء البتة وكيف يعوض الفقير بالذات عن الغنى بالذات والعاجز بالذات عن القادر بالذات والميت عن الحي الذي لا يموت والمخلوق عن الخالق ومن لا وجود له فلا شيء له من ذاته البتة عمن غناء وحياته وكماله ووجوده ورحمته من لوازم ذاته وكيف يعوض من لا يملك مثقال ذرة عمن له ملك السموات والارض وإنما كانت معصية الله سببا لمحق بركة الرزق والاجل لان الشيطان موكل بها وبأصحابها فسلطانه عليهم وحوالته على هذا الديون وأهله وأصحابه وكل شيء يتصل به الشيطان ويقارنه فبركته ممحوقة ولهذا شرع ذكر إسم الله تعالى عند الأكل والشرب واللبس والركوب والجماع لما في مقارنة إسم الله من البركة وذكر إسمه يطرد الشيطان فتحصل البركة ولا معارض لها وكل شيء لا يكون لله فبركته منزوعة فان الرب هو الذي يبارك وحده والبركة كلها منه وكلما نسب اليه مبارك فكلامه مبارك ورسوله مبارك وعبده المؤمن النافع لخلقه مبارك وبيته الحرام مبارك وكنانته من أرضه وهى الشام أرض البركة وصفها بالبركة في ست آيات من كتابه فلا مبارك الا هو وحده ولا مبارك الا ما نسب اليه أعنى إلى محبته وألوهيته ورضاه وإلا فالكون كله منسوب إلى ربوبيته وخلقه وكلما باعده من نفسه من الاعيان والاقوال والاعمال فلا بركة فيه ولا خير فيه وكلما كان منه قريبا من ذلك ففيه من البركة علي قدر قربه منه وضد البركة اللعنة فأرض لعنها الله أو شخص لعنه الله أو عمل لعنه الله أبعد شيء من الخير والبركة وكلما اتصل بذلك وارتبط به وكان منه بسبيل فلا بركة فيه البتة وقد لعن عدوه إبليس وجعله أبعد خلقه منه فكل ما كان من جهته فله من لعنة الله بقدر قربه منه وإتصاله فمن ههنا كان للمعاصي أعظم تأثير في محق بركة العمر والرزق والعلم والعمل فكل وقت عصيت الله فيه أو مال عصى الله به أو بدن أو جاه أو علم أو عمل فهو على صاحبه ليس له فليس له من عمره وماله وقوته وجاهه وعلمه وعمله الا ما أطاع الله به ولهذا من الناس من يعيش في هذه الدار مائة سنة أو نحوها ويكون عمره لايبلغ عشرين سنة أو نحوها كما أن منهم من يملك القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ويكون ماله في الحقيقة لا يبلغ ألف درهم أو نحوها وهكذا الجاه والعلم وفي الترمذي عنه الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله عز وجل وما والاه أو عالم أو متعلم وفي آثر آخر ملعونة ما فيها الا ما كان لله هذا هو الذي فيه البركة خاصة والله المستعان
فصل
ومن عقوباتها أنها تجعل صاحبها من السفلة بعد ان كان مهيئا لان يكون من العلية فان الله خلق خلقه قسمين علية وسفلة وجعل عليين مستقر العلية وأسفل سافلين مستقر السفلة وجعل أهل طاعته الاعليين في الدنيا والاخرة وأهل معصيته الاسفلين في الدنيا والآخرة كما جعل أهل طاعته أكرم خلقه عليه وأهل معصيته أهون خلفه عليه وجعل العزة لهؤلاء والذلة والصغار لهؤلاء كما في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر عن النبي أنه قال جعلت الذلة والصغار على من خالف أمرى وكلما عمل العبد معصية نزل الى أسفل درجة ولا يزال في نزول حتي يكون من الاسفلين وكلما عمل طاعة ارتفع بها درجة ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الاعليين وقد يجمتع للعبد في أيام حياته الصعود من وجه والنزول من وجه وأيهما كان أغلب عليه كان من أهله فليس من صعد مائة درجة ونزل درجة واحدة كمن كان بالعكس ولكن يعرض ههنا للنفوس غلط عظيم وهو أن العبد قد ينزل نزولا بعيدا أبعد مما بين المشرق والمغرب ومما بين السماء والارض ولا يفيء بصعوده ألف درجة بهذا النزول الواحد كما فى الصحيح عن النبي أنه قال إن العبد ليتكلم بالكلمة الواحدة ولا يلقى لها بالا يهوى بها فى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب فأي صعود يوازن هذه النزلة والنزول أمر لازم للانسان ولكن من الناس من يكون نزوله الى غفلة فهذا متى استيقظ من عفلته عاد الى درجته أو الى أرفع منها بحسب يقظته ومنهم من يكون نزوله الى مباح لاينوى به الاستعانة على الطاعة فهذا اذا رجع الى الطاعة قد يعود الي درجته وقد لا يصل اليها وقد يرتفع عنها فانه قد يعود أعلي همة مما كان وقد يكون اضعف همة وقد تعود همته كما كانت ومنهم من يكون نزوله الي معصية إما صغيرة أو كبيرة فهذا يحتاج فى عوده الي درجته الي توبة نصوح وانابه صادقة واختلف الناس هل يعود بعد التوبة الى درجته التي كان فيها بناء على أن التوبة تمحو أثر الذنب وتجعل وجوده كعدمه فكانه لم يكن أولا يعود بناء على أن التوبة تأثيرها فى إسقاط العقوبة وأما الدرجة التي فاتته فانه لايصل اليها قالوا وتقرير ذلك انه كان مستعدا باشتغاله بالطاعة في الزمن الذى عصى فيه لصعود آخر وارتفاعه بجملة أعماله السابقة بمنزلة كسب الرجل كل يوم بجملة ماله الذي يملكه وكلما تضاعف المال تضاعف الربح فقد راح عليه في زمن المعصية ارتفاع وربح بجملة أعماله فاذا استأنف العمل استأنف صعودا من نزول وكان قبل ذلك صاعدا من أسفل الى اعلى وبينهما بون عظيم قالوا ومثل ذلك
رجلان مرتقيان في سليمن لا نهاية لهما وهما سواء فنزل أحدهما الى أسفل ولو درجة واحدة ثم استأنف الصعود فإن الذي لم ينزل يعلو عليه ولا بد وحكم شيخ ابن تيمية بين الطائفتين حكما مقبولا فقال التحقيق ان من التائبين من يعود الى أرفع من درجته ومنهم من يعود الى من مثل درجته ومنهم من لا يصل الى درجته ومنهم من يعود الى درجته قلت وهذا بحسب قدر التوبة وكما لها وما أحدثت المعصية للعبد من الذل والخضوع والانابة والحذر والخوف من الله والبكاء من خشية الله وقد تقوى على هذه الامور حتى يعود التائب الى زرفع من درجته ويصير بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة فهذا قد تكون الخطيئة في حقه رحمة فانها نفت عنه داء العجب وخلصته من ثقته بنفسه وأعماله ووضعت خد ضراعته وذله وإنكساره على عتبة باب سيده ومولاه وعرفته قدره واشهدته فقره وضرورته الى حفظ سيده له ومولاه وعرفته قدره واشتهدته فقره وضرورته الى حفظ سيده له ومولاه والى عفوه عنه ومغفرته له وأخرجت من قلبه صولة الطاعة وكسرت أنفه من أن يشمخ بها أو يتكبر بها أو يرى نفسه بها خيرا من غيره وأوقفته بين يدي ربه موقف الخطائين المذنبين ناكس الرأس بين يدي ربه مستحيا خائفا منه وجلا محتقرا لطاعته مستعظما لمعصيته عرف نفسه بالنقص والذم وربه متفرد بالكمال والحمد والوفي كما قيل
استأثر الله بالوفى وبالحم ... د وولي الملامة الرجلا فصل
فاي نعمة وصلت من الله اليه استكثرها على نفسه ورأى نفسه دونها ولم يرها أهلا لها وأي نقمة أو بلية وصلت اليه رأي نفسه أهلا لما هو أكبر منها ورأى مولاه قد أحسن اليه إذ لم يعاقبه على قدر جرمه ولاشطره ولا أدني جزء منه فان ما يستحقه من العقوبة لاتحمله الجبال الراسيات فضلا عن هذا العبد الضعيف العاجز فان الذنب وان صغر فان مقابله العظيم الذى لاشيء أعظم منه الكبير الذي لاشيء أكبر منه الجليل الذى لا أجل منه ولا أجمل المنعم بجميع أنواع النعم دقيقها وجليلها من أقبح الامور وافظعها واشنعها فان مقابلة العظماء والاجلاء وسادات الناس بمثل ذلك يستقبحه كل أحد مؤمن وكافر وأرذل الناس واسقطهم مرؤة من قابلهم بالرذائل فكيف بعظيم السموات والارض وملك السموات والارض وإله أهل السموات والأرض ولولا أن رحمته سبقت غضبه ومغفرته سبقب عقوبته والا لتزلزلت الارض بمن قابله بمالا تليق مقابلته به ولولا حلمه ومغفرته لزالت السموات والارض من معاصي العباد قال تعالى ان الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا فتأمل ختم ! هذه الآية
بأسمين من أسمائه وهما الحليم والغفور كيف تجد تحت ذلك انه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة لما استقرت السموات والارض وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هذا وقد أخرج الله سبحانه الأبوين من الجنة بذنب واحد ارتكباه وخالفا فيه نهيه ولعن إبليس وطرده وأخرجه من ملكوت السموات بذنب واحد ارتكبه وخالف فيه أمره ونحن معاشرا الحمقاء كما قيل
نصل الذنوب الى الذنوب ونرتجى ... درج الجنان لذي النعيم الخالد
ولقد علمنا أخرج الابوين من ... ملكوتها الأعلى بذنب واحد
والمقصود أن العبد قد يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبل الخطيئة وأرفع درجة وقد تضعف الخطيئة همته وتوهن عزمه وتمرض قلبه فلا يقوى ذو التوبة على إعادته الى الصحة الاولى فلا يعود الى درجته وقد يزول المرض بحيث تعود الصحة كما كانت ويعود الى مثل عمله فيعود الى درجته هذا كله إذا كان نزوله الى معصيته فان كان نزوله الى أمر يقدح في أصل إيمانه مثل الشكوك والريب والنفاق فذاك نزول لا يرجى لصاحبه صعود الا بتجديد إسلامه من رأسه فصل
ومن عقوباتها أنها تجتريء على العبد ما لم يكن يجتريء عليه من أصناف المخلوقات فتجتري عليه الشياطين بالاذي والأغواء والوسوسة والتخويف والتعزيز وإنسانه ما مصلحته في ذكره ومضربه في نسيانه فتجترىء عليه الشياطين حتي تؤزه الى معصية الله أزا وتجترىء عليه شياطين الانس بما تقدر عليه من الأذى في غيبته وحضوره وتجترىء أهله وخدمه وأولاده وجيرانه حتي الحيوان البهيم قال بعض السلف اني لاعصي الله فاعرف ذلك في خلق امري ودابتي وكذلك تجترى عليه نفسه فتأسد عليه وتصعب عليه فلو أرادها لخير لم تطاوعه ولم تنقد له وتسوقه الى ما فيه هلاكه شاء أم أبي وذلك لان الطاعة حصن الرب تبارك وتعالى الذى من دخله كان من الآمنين فاذا فارق الحصن اجترىء عليه قطاع الطريق وغيرهم وعلى حسب اجترائه على معاصى الله يكون اجتراء هذه الآفات والنفوس عليه وليس شيء يرد عنه فان ذكر الله وطاعته والصدقة وإرشاد الجاهل والامر بالمعروف والنهى عن المنكر وقاية ترد عن العبد بمنزلة القوة التي ترد المرض وتقاومه فاذا سقطت القوة غلب وارد المرض وكان الهلاك ولا بد للعبد من شيء يرد عنه فان موجب السيئات والحسنات يتدافع ويكون الحكم للغالب كما تقدم وكلما قوى جانب الحسنات كان الرد أقوي كما تقدم
فان الله يدافع عن الذين آمنوا والايمان قول وعمل فيحسب قوة الايمان تكون قوة الدفع والله المستعان فصل
ومن عقوباتها أنها تخون العبد أحوج ما يكون الى نفسه فأن كل أحد محتاج الى معرفة ما ينفعه وما يضره في معاشه ومعاده وأعلم الناس أعرفهم بذلك على التفصيل وأقواهم وأكيسهم من قوى على نفسه وإرادته فاستعملها فيما ينفعه وكفها عما يضره وفي ذلك تفاوت معارف الناس وهممهم ومنازلهم فاعرفهم من كان عارفا باسباب السعادة والشقاوة وأرشدهم من آثر هذه على هذه كما ان أسفههم من عكس الامر والمعاصي تخون العبد أحوج ما كان الى نفسه في تحصيل هذا العلم وإيثار الحظ الاشرف العالي الدائم على الحظ الخسيس الادني المنقطع فتحجبه الذنوب عن كمال هذا العلم ومن الاشتغال بما هو أولى به وأنفع له في الدارين فاذا وقع مكروه واحتاج الى التخلص منه خانه قلبه ونفسه وجوارحه وكان بمنزلة رجل معه سيف قد غشيه الحرب ولزم قرابه بحيث لا ينجذب مع صاحبه اذا جذبه فعرض له عدو يريد قتله فوضع يده على قائم سيفه واجتهد ليخرجه فلم يخرج معه فدهمه العدو وظفر به كذلك القلب يصدىء بالذنوب ويصير مثخنا بالمرض فاذا احتاج الى محاربة العدو لم يجد معه منه شيئا والعبد انما يحارب ويصاول ويقدم بقلبه والجوارح تبع للقلب فاذا لم يكن عند ملكها قوة يدفع به فما الظن بها عند عدم ملكها وكذلك النفس فانها تخبث بالشهوات والمعاصي وتضعف أعني النفس المطمئنة وإن كانت الامارة تقوى وتتأسد وكلما قويت هذه ضعفت هذه فبقى الحكم والتصرف للامارة وربما ماتت نفسه المطمئنة موتا لايرجي معه حياة فهذا ميت في الدنيا ميت في البرزخ غير حي في الآخرة حياة ينتفع بها بل حياته حياة يدرك بها الالم فقط والمقصود أن العبد إذا وقع في شدة أو كربة أوبلية خانه قلبه ولسانه وجوارحه عما هو أنفع شيء له فلا ينجذب قلبه للتوكل على الله تعالى والانابة اليه والجمعية عليه والتضرع والتذلل والانكسار بين يديه ولا يطاوعه لسانه لذكره وان ذكره بلسانه لم يجمع بين قلبه ولسانه فلا ينحبس القلب على اللسان بحيث يؤثر فيه الذكر ولا ينحبس اللسان والقلب علي المذكور بل إن ذكر أو دعا ذكر بقلب غافل لاه ساه ولو أراد من جوارحه أن تعينه بطاعة تدفع عنه لم تنقد له ولم تطاوعه وهذا كله أثر الذنوب والمعاصي كمن له جند يدفع عنه الاعداء فاهمل جنده وضيعهم وأضعفهم وقطع أخبارهم ثم أراد منهم عند هجوم العدو عليه أن يستفرغوا وسعهم في الدفع عنه بغير قوة هذا وثم أمر أخوف من
ذلك وأدهي وأمر وهو أن يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال الى الله تعالى فربما تعذر عليه النطق بالشهادة كما شاهد الناس كثيرا من المحتضرين أصابهم ذلك حتى قيل لبعضهم قل لا إله إلا الله فقال آه آه لا أستطيع أن أقولها وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فقال شاه رخ غلبنك ثم قضى وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فقال
يارب قائلة يوما وقد تعبت ... أين الطريق الى حمام منجاب
ثم قضى وقيل لآخر قل لا إله إلا الله فجعل يهذي بالغناء ويقول تاتا ننتنتا فقال وما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية الا ركبتها ثم قضى ولم يقلها وقيل لآخر ذلك فقال وما يغني عني وما أعلم اني صليت لله تعالى صلاة ثم قضى ولم يقلها وقيل لآخر ذلك فقال هو كافر بما تقول وقضي وقيل لآخر ذلك فقال كلما أردت أن أقولها فلساني يمسك عنها وأخبرني من حضر بعض الشحاذين عند موته فجعل يقول لله فليس لله فليس حق قضي وأخبرني بعض التجار عن قرابة له انه احتضر وهو عنده فجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول هذه القطعة رخيصة هذا مشتري جيد هذه كذا حتى قضي وسبحان الله كم شاهد الناس من هذا عبرا والذي يخفي عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم وإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه قد تمكن منه الشيطان واستعمله بما يريده من المعاصي وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى وعطل لسانه من ذكره وجوارحه عن طاعته فكيف الظن به عند سقوطه قواه واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع وجمع الشيطان له كل قوته وهمته وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرضته فان ذلك آخر العمل فاقوي ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت وأضعف ما يكون هو في تلك الحالة فمن تري يسلم علي ذلك فهناك يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطا فبعيد من قلب بعيد من الله تعالى غافل عنه متعبد لهواه مصير لشهواته ولسانه يابس من ذكره وجوارحه معطلة من طاعته مشتغلة بمعصية الله أن يوفق لحسن الخاتمة ولقد قطع خوف الخاتمة ظهور المتقين وكأن المسيئين الظالمين قد أخذوا توقيعا بالايمان أم لكم أيمان علينا بالغة الي يوم القيامة ان لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم
يا آمنا من قبيح الفعل يصنعه ... هل أتاك تواقيع أم أنت تملكه
جمعت شيئين أمثا واتباع هوى ... هذا وإحداهما في المرء تهلكه
والمحسنون على درب المخاوف قد ... ساروا وذلك درب لست تسلكه
فرطت في الزرع وقت البذر من سفه ... فكيف عند حصاد الناس تدركه
هذا وأعجب شىء منك زهدك في ... دار البقاء بعيش سوف تتركه
من السفيه اذا بالله أنت أم السمغبون ... في البيع غبنا سوف تدركه فصل
ومن عقوباتها أنها تعمي القلب فان تعمه أضعفت بصيرته ولا بد وقد تقدم بيان أنها تضعفه ولابد فاذا عمي القلب وضعف فانه من معرفة الهدى وقوته على تنفيذه في نفسه وفي غيره بحيث تضعف بصيرته وقوته فان كمال الانسان مداره في أصلين معرفة الحق من الباطل وإيثاره عليه وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة الا بقدر تفاوت منازلهم في هذين الأمرين وهما اللذان أثني الله بهما سبحانه على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام في قوله تعالى واذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار فالأيدي القوة في تنفيذ الحق والأبصار البصائر في الدين فوصفهم بكمال إدراك الحق وكمال تنفيذه وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق وأكرمهم على الله تعالى القسم الثاني عكس هؤلاء من لا بصيرة له في الدين ولا قوة على تنفيذ الحق وهم أكثر هذا الخلق الذين رؤيتهم قذي للعيون وحمي الأرواح وسقم القلوب يضيقون الديار ويغلون الأسعار ويستفارد من صحبتهم الا العار والشنار القسم الثالث من له بصيرة في الهدى ومعرفة به لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه ولا الدعوة اليه وهذا حال المؤمن الضعيف والمؤمن القوي خير واحب الى الله منه القسم الرابع من له قوة وهمة وعزيمة لكنه ضعيف البصيرة في الدين لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن من أولياء الرحمن الشيطان بل يحسب كل سوداء تمرة وكل بيضاء شحمة يحسب الورم شحما والدواء النافع سما وليس في هؤلاء من يصلح للامامة فى الدين ولا هو موضعا لها سوي القسم الأول قال الله تعالى وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون فاخبر سبحانه ان بالصبر واليقين نالوا الامامة فى الدين وهؤلاء هم الذين استثناهم الله سبحانه من جملة الخاسرين وأقسم بالعصر الذي هو زمن سعى الخاسرين والرائحين على ان عداهم فهو من الخاسرين فقال تعالى والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فلم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه حتي يوصى بعضهم بعضا ويرشده اليه ويحثه عليه فاذا كان من عدا هؤلاء فهو من الخاسرين فمعلوم ان المعاصي والذنوب تعمي بصيرة القلب فلا يدرك الحق كما ينبغي وتضعف قوته وعزيمته فلا يصبر عليه بل قد تتوارد على القلب حتي ينعكس
إدراكه كما ينعكس سيره فيدرك الباطل حقا والحق باطلا والمعروف منكرا والمنكر معروفا فينتكس في سيره ويرجع عن سفره الى الله والدار الآخرة الى سفره الى مستقر النفوس المبطلة التي رضيت بالحياة الدنيا واطمأنت بها وغفلت عن الله وآياته وتركت الاستعداد للقائه ولو لم يكن في عقوبة الذنوب الا هذه وحدها لكانت كافية داعية الى تركها والبعد منها والله المستعان وهذا كما ان الطاعة تنور القلب وتجلوه وتصقله وتقويه وتثبته حتى يصير كالمرآة المجلوة في جلائها وصفائها فيتمليء نورا فاذا دني الشيطان منه أصابه من نور ما يصيب مسترق السمع من الشهب الثواقب فالشيطان يفرق من هذا القلب أشد من فرق الذئب من الاسد حتى ان صاحبه ليصرع الشيطان فيخر صريعا فيجتمع عليه الشياطين فيقول بعضهم لبعض ما شأنه فيقال أصابه أنسي وبه نظرة من الأنس
فيا نظرة من قلب حر منور ... يكاد لها الشيطان بالنور يحرق أفيستوي هذا القلب وقلب مظلم أرجاؤه مختلفة أهواؤه قد أتخذه الشيطان وطنه وأعده مسكنه اذا تصبح بطلعته حياه وقال فديت من لا يفلح في دنياه ولا في اخراه
انا قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها ... فانت قرين لى بكل مكان
فان كنت في دار الشقاء فانني ... وأنت جميعا في شقا وهوان قال الله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وأنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذا ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون فاخبر سبحانه ان من عشي عن ذكره وهو كتابه الذي أنزل علي رسول وبارك فيه فاعرض عنه وعمى عنه وغشت بصيرته عن فمه وتدبره ومعرفة مراد الله منه قيض الله له شيطانا عقوبة له في إعراضه عن كتابه فهو قرينه الذي لا يفارقه لا في الاقامة ولا في المسير ومولاه وعشيره الذي هو بئس المولى وبئس العشير
رضيعي لبان ثدي أن تقلما ... بأسحم واج عوض لا يتفرق ثم أخبر سبحانه ان الشيطان ليصد قرينه ووليه عن سبيله الموصل اليه والى جنته ويحسب هذا الضال المضل الصدود أنه على طريق هدي حتي اذا جاء القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين كنت لى في الدنيا أضللتني عن الهدى يعد إذ جاءني وصددتنى عن الحق واغوايتني حتى هلكت وبئس القرين أنت لى اليوم ولما كان المصاب إذا شاركه غيره في مصيبة حصل بالتأسي نوع تخفيف وتسلية أخبر الله سبحانه أن هذا غير موجود وغير حاصل في حق المشتركين في العذاب وأن
القرين لا يجد راحة ولا أدنى فرح بعذاب قرينه معه وإن كانت المصائب في الدنيا إذا عمت صارت مسلاة كما قالت الخنساء فى أخيها صخر
ولولا كثرة الباكين حولى ... على إخوانهم لقتلت نفسى
وما يبكون مثل أخى ولكن ... أغري النفس عنه بانأسي
الا يا صخر لا أنساك حتى ... أفارق عيشتي وورود رمسي
فمنع الله سبحانه هذا القدر من الراحة على أهل النار فقال ولن ينفعكم اليوم اذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون فصل
ومن عقوباتها إنها مدد من الانسان يمد به عدوه عليه وحبش يقويه به على حربه وذلك أن الله سبحانه ابتلى هذا الانسان بعدو لا يفارقه طرفة عين صاحبه ينام ولا ينام عنه ويغفل ولا يغفل عنه يراه هو وقبيله من حيث لا يراه يبذل جهده في معاداته بكل حال لا يدع أمر يكيده به يقدر على إيصاله اليه الا أوصله ويستعين عليه ببني جنسه من شياطين الانس وغيرهم من شياطين الجن وقد نصب له الحبائل وبغي له الغوائل ومد حوله الاشراك ونصب له الفخاخ والشباك وقال لا عوانه دونكم عدوكم وعدو أبيكم لا يفوتكم ولا يكون حظه الجنة وحظكم النار ونصيبه الرحمة ونصيبكم اللعنة وقد علمتم إن ما جرى علي وعليكم من الخزي واللعن والابعاد من رحمة الله بسببه ومن أجله فابذلوا جهدكم أن يكونوا شركاءنا في هذه البلية اذا قد فاتنا شركة صالحيهم في الجنة ولما علم سبحانه أن آدم وبنيه قد بلوا بهذا العدو وسلطوا عليهم أمدهم بعساكر وجند يلقون بها وأمد عدوهم أيضا بجند وعساكر يلقاهم به وأقام سوق الجهاد في هذه الدار في مدة العمر التي هي بالاضافة الى الآخرة كنفس واحد من أنفاسها واشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وأخبر ان ذلك وعد مؤكد عليه في أشرف كتبه وهي التوارة والانجيل والقرآن ثم أخبر انه لا أوفى بعهده منه سبحانه ثم أمرهم أن يستبشروا بهذه الصفة التي من أراد أن يعرف قدرها فلينظر الى المشتري من هو والى الثمن المبذول في هذه السلعة والى من جرى على يديه هذا العقد فاي فوز أعظم من هذا وأي تجارة أربح منه ثم أكد سبحانه معهم هذا الامر بقوله ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات
تجري من تحتها الانهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ولم يسلط سبحانه هذا العدو على عبده المؤمن الذي هو أحب المخلوقات اليه إلا لان الجهاد أحب شيء اليه وأهله أرفع الخلق عنده درجات وأقربهم اليه وسيلة فعقد سبحانه لواء هذا الحرب لخلاصة مخلوقاته وهو القلب الذي محل معرفته ومحبته وعبوديته والاخلاص له والتوكل عليه والانابة اليه فولاه أمر هذا الحرب وأيده بجند من الملائكة لا يفارقونه له معقبات من بين يده ومن خلفه يحفظونه من أمر الله يعقب بعضهم بعضا كلما جاء جند وذهب جاء بدله آخر يثبتونه ويأمرونه بالخير ويحضونه عليه ويعدونه بكرامة الله ويصبرونه ويقولون إنما هو صبر ساعة وقد استرحت راحة الأبد ثم أيده سبحانه بجند آخر من وحيه وكلامه فارسل إليه رسوله وأنزل اليه كتابه فازداد قوة إلى قوته ومددا الى مدده وعدة الى عدته وأمده مع ذلك بالعقل وزيرا له ومدبرا وبالمعرفة مشيرة عليه ناصحة له وبالايمان مثبتا له ومؤيدا وناصرا وباليقين كاشفا له عن حقيقة الامر حتى كأنه يعاين ما وعد الله تعالى أولياءه وحزبه على جهاد أعدائه فالعقل يدبر جيشه والمعرفة تصنع له أمور الحرب وأسبابها ومواضعها اللائفة بها والايمان يثبته ويقويه ويصبره واليقين يقدم به ويحمل به الحملات الصادقة ثم مد سبحانه القائم بهذا الحرب بالقوى الظاهرة والباطنة فجعل العين طليعة والأذن صاحب خبرة واللسان ترجمانه واليدين والرجلين أعوانه وأقام ملائكته وحملة عرشه يستغفرون له ويسئلون له أن يقيه السيئات ويدخله الجنات وتولى سبحانه الدفع والدفاع عنه بنفسه وقال هؤلاء حزب الله وحزب الله هم المفلحون وهؤلاء جنده وإن جندنا لهم الغالبون وعلم عباده كيفية هذا الحرب والجهاد فجمعها لهم في أربع كلمات فقال يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ولا يتم هذا امر الجهاد الا بهذه الامور الاربعة فلا يتم الصبر الا بمصابره العدو وهو مقاومته ومنازلته فاذا صابر عدوه احتاج الى أمر آخر وهي المرابطة وهي لزوم ثغر القلب وحراسته لئلا يدخل منه العدو ولزوم ثغر العين والاذن واللسان والبطن واليد والرجل فهذه الثغور يدخل منه العدو فيجوس خلال الديار ويفسد ما قدر عليه فالمرابطة لزوم هذه الثغور ولا يخلى مكانها فيصادف العدو والثغر خاليا فيدخل منها فهؤلاء أصحاب رسول الله خير الخلق بعد النبيين والمرسلين أجمعين وأعظم حماية وحراسة من الشيطان الرجيم وقد خلوا المكان الذي أمروا بلزومه يوم أحد فدخل منه العدو فكان ما كان وإجماع هذه الثلاثة وعمودها الذي تقوم به هو تقوى الله فلا ينفع الصبر ولا المصابرة ولا المرابطة الا بالتقوى ولا تقوم التقوى الا علي ساق الصبر
فانظر الآن فيك الى التقاء الجيشين واصطدام العسكرين وكيف تداله مرة ويدال عليك أخري أقبل ملك الكفرة بجنوده وعساكره فوجد القلب في حصنه جالسا على كرسي مملكته أمره نافذ في أعوانه وجنده قد حصنوا به يقاتلون عنه ويدافعون عن حوزته فلم يمكنهم الهجوم عليه الا بمخامرة بعض أمرائه وجنده عليه فسأل عن أخص الجند به وأقربهم منه منزلة فقيل له هي النفس فقال لاعوانه أدخلوا عليها من مرادها وانظروا موقع محبتها وما هو محبوبها فعدوها به ومنوها اياه وانقشوا صورة المحبوب فيها في يقظتها ومنامها فاذا اطمأنت اليه وسكنت عنده فاطرحوا عليها كلاليب الشهوة وخطاطيفها ثم جروها بها اليكم فاذا خامرة على القلب وصارة معكم عليه ملكتم ثغر العين والاذن واللسان والفم واليد والرجل فرابطوا على هذا الثغور كل المرابطة فمتي دخلتم منها الى القلب فهو قتيل أو أسير أو جريح مثخن بالجراحات ولا تخلوا هذه الثغور ولا تمكنوا سرية تدخل منها الى القلب فتخرجكم منها وان غلبتم فاجتهدوا في إضعاف السرية ووهنها حتي لاتصل الى القلب فان وصلت اليه وصلت ضعيفة لا تغني عنه شيئا فاذا استوليتم على هذه الثغور فامنعوا اثغر العين أن يكون نظره إعتبارا بل أجعلوا نظره تفرحا واستحسانا وتلهيا فان استرق نظرة عبرة فافسدوهم عليه بنظر الغفلة والاستحسان والشهوة فانه أقرب اليه وأعلق بنفسه وأخف عليه ودونكم ثغر العين فان منه تنالون بغيتكم فاني ما أفسدت بني آدم بشيء مثل النظر فاني أبذر به في القلب بذر الشهوة ثم أسقيه بماء الامنية ثم لا أزال أعده وامنية حتى أقوى عزيمته وأقوده بزمام الشهوة إلى انخلاع من العصمة فلا تهملوا أمر هذا الثغر وأفسدوه بحسب استطاعتكم وهو نوا عليه أمره وقولوا له مقدار نظرة تدعوك الى تسبيح الخالق والرازق البديع والتأمل والتجمل صفته وحسن هذه الصورة التي إنما خلقت ليستدل بها الناظر عليه وما خلق الله لك العينين سدي وما خلق الله هذه الصورة ليحجبها عن النظر وإن ظفر تم به قليل العلم فاسد العقل فقولوا له هذه الصورة مظهر من مظاهر الحق ومجلى من مجاليه فادعوه الى القول بالاتحاد فإن لم يقبل فالقول بالحلول العام والخاص ولا تقنعوا منه بدون ذلك فانه يصير به من إخوان النصارى فمروه حينئذ بالعفة والصيانة والعبادة والزهد في الدنيا واصطادوا عليه الجهال فهذا من أقرب خلفائي وأكبر جندي بل أنا من جنده وأعوانه
فصل ثم أمنعوا ثغر الاذن أن يدخل عليه مايفسد عليكم الأمر فاجتهدوا أن
لا تدخلوا منه الا الباطل فانه خفيف على النفس تستحليه وتستملحه وتخيروا له أعذاب الالفاظ
وأسحرها للالباب أمزجوه بما تهوي النفس مزجا وألقوا الكلمة فان رأيتم منه إصغاء اليها فزيدوه باخوانها فكلما صادفهم صادقتم منه استحسان شيء فالهجوا له بذكره وإياكم أن يدخل من هذا الثغر شىء من كلام الله أو كلام رسوله أو كلام النصحاء فان غلبتم على ذلك ودخل شىء من ذلك فحولوا بينه وبين فهمه وتدبره والتفكر فيه والعظة به و إما بادخال ضده عليه وإما بتهويل ذلك وتعظيمه وإن هذا أمر قد حيل بين النفوس وبينه فلا سبيل لها اليه وهو حمل ثقيل عليها لا تستقل به ونحو ذلك وإما بار خاصه على النفوس وأن الاشتغال ينبغي أن يكون بما هو أعلى عند الناس وأعز عليهم وأغرب عندهم وزبونه أكثر وأما الحق فهو مهجور والقائل به معرض نفسه للعدوان ولا ينبغي والربح بين الناس أولى بالايثار ونحو ذلك فيدخلون الباطل عليه في كل قالب يقبله ويخف عليه ويخرجون له الحق في كل قالب يكرهه ويثقل عليه وإذا شئت أن تعرف ذلك فانظر الى إخوانهم من شياطين الانس كيف يخرجون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب كثرة الفضول وتتبع عثرات الناس والتعرض من البلاء ما لا يطيق وإلفاء الفتن بين الناس ونحو ذلك ويخرجون إتباع السنة ووصف الرب تعالى بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله في قالب التشبيه والتجسيم والتكليف ويسمون علوا الله على خلق خلقه واستوائه على عرشه ومباينته لمخلوقاته تحيزا ويسمون نزوله الى سماء الدنيا وقوله من يسألني فاعطيه تحركا وانتقالا ويسمون ما وصف به نفسه من اليد والوجه أمضاء وجوارح ويسمون ما يقوم به من أفعاله حوادث وما يقوم من صفاته أعراضا ثم يتوصلون الى نفي ما وصف به نفسه بهذه الامور ويوهمون الاغمار وضعفاء البصائر أن إثبات الصفات التي نطق بها كتاب الله وسنة رسوله تستلزم هذه الامور ويخرجون هذا التعطيل في قالب التنزيه والتعظيم وأكثر الناس ضعفاء العقول يقبلون الشيء بلفظ ويردونه بعينه بلفظ آخر قال الله تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرور فسماه زخرفا وهو القول الباطل لان صاحبه يزخرفه ويزينه ما استطاع ويلقيه الى سمع المغرور فيغتر به والمقصود أن الشيطان قد لزم ثغر الاذن أن يدخل فيها ما يضر العبد ويمنع أن يدخل اليها ما ينفعه وإن دخله بغير اختياره أفسد عليه
فصل
ثم يقول قوموا على ثغر اللسان فانه الثغر الاعظم وهو قبالة الملك فاجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه من ذكر الله واستغفاره وتلاوة كتابه ونصيحته عباده او التكلم بالعلم النافع ويكون لكم في هذا الثغر أثر ان عظيمان لا تبالون بايهما ظفرتم أحدهما التكلم بالباطل فانما المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم الثاني السكوت عن الحق فان الساكت عن الحق أخ لكم أخرس كما أن الاول أخ لكم ناطق وربما كان الاخ الثاني أنفع إخوانكم لكم أما سمعتم قول الناصح المتكلم بالباطل شيطان ناطق والساكت عن الحق شيطان أخرس فالرباط الرباط على هذا الثغر أن يتكلم بحق أو يمسك عن باطل وزينوا له التكلم بالباطل بكل طريق وخوفوه من التكلم بالحق بكل طريق واعلموا يا بني ان ثغر اللسان هو الذي أهلك منه بنو آدم وأكبهم منه على مناخرهم في النار فكم لي من قتبل وأسير وجريح أخذته من هذا الثغر وأوصيكم بوصية فاحفظوا لينطق أحدكم على لسان أخيه من الانس بالكلمة ويكون الآخر على لسان السامع فيبنطق باستحسانها وتعظيمها والتعجب منها ويطلب من أخيه إعادتها وكونوا أعوانا على الانس بكل طريق وأدخلوا عليهم من كل باب واقعدوا لهم كل مرصد أما سمعتم قسمي الذي أقسمت به لربهم حيث قلت فيما أغويتني لاقعدن لهم صراصك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين أما تروني قد قعدت لابن آدم بطرقه كلها فلا يفوتني من طريق الا قعدت له من طريق غيره حتى أصبت منه حاجتي أو بعضها و قد حذرهم ذلك رسول الله وقال لهم إن الشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلها قعد له بطريق الاسلام فقال له أتسلم وتذر دينك ودين آبائك فخالفه وأسلم فقعد له بطريق الهجرة فقال أتهاجر وتذر أرضك وسماءك فخالفه وهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال أتجاهد فتقتل ويقسم المال وتنكح الزوجة فخالفه وجاهد فكهذا فاقعدوا لهم بكل طريق الخير فاذا أراد أحدهم ان يتصدق فاقعدوا له على طريق الصدقة فقولوا له في نفسه أتخرج المال وتبقى مثل هذا السائل وتصير بمنزلته أنت وهو سواء أو ما سمعتم ما القيته على لسان رجل سأله آخر أن يتصدق عليه قال أموالنا اذا أعطيناكم وها صرنا مثلكم واقعدوا له بطريق الحج فقولوا له طريقه مخوفة مشقة يتعرض سالكها لتلف النفس والمال وهكذا فاقعدوا له على سائر طرق الخير بالتنفير منها وذكر صعوبتها وآفاتها ثم أقعدوا على المعاصي فحسنوها في عين بني آدم وزينوها في قلوبهم
واجعلوا أكبر أعوانكم على ذلك النساء فمن أبوابهن فادخلوا عليهم فنعم العون هن لكم ثم الزموا ثغر اليدين والرجلين فامنعوها ان تبطش بما يضركم أو تمشى فيه وأعلموا إن أكبر أعوانكم على لزوم هذه الثغور مصالحة النفس الامارة فاعينوها واستعينوا بها وأمدوها واستمدوا منها وكونوا معها على حرب النفس المطمئنة فاجتهدوا في كسرها وابطال قواها ولا سبيل الى ذلك الا بقطع موادها عنها فاذا إنقطعت موادها وقويت مواد النفس الامارة وطاعت لكم اعوانكم فاستنزلوا القلب من حصنه وأعزلوه عن مملكته وولوا مكانه النفس فانها لا تأمر الا بما تهوونه وتحبونه ولا تحببكم بما تكرهونه البتة مع إنها لا تخالفكم في شيء تشيرون به عليها بل إذا أشرتم عليها بشيء بادرت الى فعله فان أحسستم من القلب منازعة الى مملكته وأردتم الامن من ذلك فاعقدوا بينه وبين النفس عقد النكاح فزينوها وجملوها وأروها إياه في أحسن صورة عروس توجد وقولوا له ذق حلاوة طعم هذا الوصال والتمتع بهذه العروس كما ذقت طعم الحرب وباشرت مرارة الطعن والضرب ثم وازن بين لذة هذه المسألة ! ومرارة تلك المحاربة فدع الحرب تضع أوزارها فليست بيوم وينقضي وإنما هو حرب متصل بالموت وقواك يضعف عن الحرب دائم واستعينوا يا بني بجندين عظيمين لن تغلبوا معهما أحدهما جند الغفلة فاغفلوا قلوب بني آدم عن الله تعالى والدار الآخرة بكل طريق فليس لكم شيء أبلغ من تحصيل غرضكم من ذلك فان القلب إذا غفل عن الله تعالى تمكنتم منه ومن أعوانه الثاني جند الشهوة فزينوها في قلوبهم وحسنوها في أعينهم وصولوا عليهم بهذين العسكرين فليس لكم في بني آدم أبلغ منهما واستعينوا على الغفلة بالشهوات وعلى الشهوات بالغفلة وأقرنوا بين الغافلين ثم استعينوا بهما على الذاكر ولايغلب واحد خمسة فان مع الغافلين شيطانين صاروا أربعة وشيطان الذاكر معهم واذا رأيتم جماعة مجتمعين علي ما يضركم من ذكر الله ومذاكرة أمر ونهيه ودينه ولم تقدورا على تفريقهم فاستعينوا عليهم ببني جنسهم من الانس البطالين فقربوهم منهم وشوشوا عليهم بهم وبالجملة فاعدوا للامور أقرانها وادخلوا على كل واحد من بني آدم من باب إرادته وشهوته فساعدوه وعليها وكونوا له أعوانا على تحصيلها وإذا كان الله قد أمرهم بالصبر أن يصبروا لكم ويصابرونكم ويرابطوا عليكم الثغور فاصبروا أنتم وصابروا ورابطوا عليهم بالثغور وانتهزوا فرصكم فيهم عند الشهوة والغضب فلا تصطادوا بني آدم في أعظم من هذين الموطنين واعلموا أن منهم من يكون سلطان الشهوة عليه أغلب وسلطان غضبه ضعيف مقهور فخذوا عليه طريق الشهوة ودعوا طريق الغضب ومنهم من يكون سلطان الغضب عليه أغلب فلا تخلوا طريق الشهوة عليه ولا تعطلوا ثغرها فان من لم يملك نفسه
عند الغضب فانه بالحري لا ي | |
|